السبت، 15 أغسطس 2015

قال ابن تيمية في النبوات 180/1
وقال تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ في شَكّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الحَقُّ مِنْ رَبِّك فلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الّذِينَ كذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الخَاسِرِينَ}. وهذا سواءٌ كان خطاباً للرسول والمراد به غيره، أو خطاباً له وهو لغيره بطريق الأولى، والتقدير قد يكون معدوماً أو ممتنعاً، وهو بحرف (إن) ؛ كقوله: {قُلْ إِنْ كَانَ للرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ العَابِدِيْنَ} ، و {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} ؛ والمقصود بيان الحكم على هذا التقدير: إن كنتُ قلتُهُ فأنت عالمٌ به وبما في نفسي، وإن كان له ولدٌ فأنا عابده، وإن كنت شاكّاً فاسأل إن قُدّر إمكان ذلك؛ فسؤال الذين يقرءون الكتاب قبله إذا أخبروا، فما عندهم شاهدٌ له، ودليلٌ، وحجّةٌ. ولهذا نهى بعد ذلك عن الامتراء والتكذيب.
وأما تقدير الممتنع بحرف (إن) فكثيرٌ، ومن ذلك قوله: {فَإِن اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقَاً في الأَرْضِ أَوْ سُلَّمَاً في السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ} ، {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ} ، {أَمْ مَنْ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}، {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُودَاً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ، {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.

قال ابن تيمية في النبوات 177/1
قال تعالى: {قلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ}
وقوله: {شَهِدَ شَاهِدٌ} : ليس المقصود شاهداً واحداً معيّناً، بل ولا يحتمل كونه واحداً. وقول من قال: إنه عبد الله بن سلام ليس بشيء؛ فإنّ هذه نزلت بمكة قبل أن يعرف ابن سلام، ولكنّ المقصود جنس الشاهد؛ كما تقول: قام الدليل. وهو الشاهد الذي يجب تصديقه سواء كان واحداً قد يقترن بخبره ما يدلّ على صدقه، أو كان عدداً يحصل بخبرهم العلم بما تقول؛ فإن خبرك بهذا صادقٌ. وقوله: {عَلَى مِثْلِهِ} : فإنّ الشاهد من بني إسرائيل على مثل القرآن؛ وهو أنّ الله بعث بشراً، وأنزل عليه كتاباً أمر فيه بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهى فيه عن عبادة ما سواه، وأخبر فيه أنّه خلق هذا العالم وحده، وأمثال ذلك."

وقال في صفحة 179
"ومثل ذلك قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدَاً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ} ؛ فمن عنده علم الكتاب شهد بما في الكتاب الأول، وهو يوجب تصديق الرسول لأنه يشهد بالمثل، ويشهد أيضاً بالعين. و كلّ من الشهادتين كافية، فمتى ثبت الجنس، عُلم قطعاً أنّ المعيّن منه.